فصل: قال زنجلة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة:

.قال ابن خالويه:

ومن سورة سبأ:
قوله تعالى: {عالم الغيب} يقرأ {علام الغيب } و{عالم الغيب } بالخفض و{عالم } بالرفع فالحجة لمن خفض أنه جعله وصفا لقوله: {بلى وربي} لأنه مخفوض بواو القسم فأما علام فهو أبلغ في المدح من عالم وعليم ودليله قوله في آخرها {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب}.
وقيل بل شدد دلالة على التكثير لأنه مضاف إلى جمع والحجة لمن قرأه بالرفع أنه جعله خبر ابتداء محذوف معناه هو عالم الغيب.
قوله تعالى: {لا يعزب} يقرأ بضم الزاي وكسرها وقد ذكر.
قوله تعالى: {من رجز أليم} يقرأ بالخفض والرفع فالحجة لمن خفض أنه جعله وصفا للرجز والحجة لمن رفع أنه جعله وصفا لقوله: {لهم عذاب} ومعنى أليم مؤلم موجع.
قوله تعالى: {إن نشأ نخسف} {أو نسقط} يقرآن بالنون والياء فالحجة لمن قرأ بالنون أنه جعله من إخبار الله تعالى عن ذاته والحجة لمن قرأ بالياء أنه جعله من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل واتفق القراء على إظهار الفاء عند الباء إلا ما قرأه الكسائي مدغما وحجته أن مخرج الباء من الشفتين ومخرج الفاء من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العلى فاتفقا في المخرج للمقاربة إلا أن في الفاء تفشيا يبطل الإدغام فأما إدغام الباء في الفاء فصواب.
قوله تعالى: {ولسليمان الريح} اتفاق القراء على نصب الريح إلا ما رواه أبوبكر عن عاصم بالرفع فالحجة لمن نصب إضمار فعل معناه وسخرنا لسليمان الريح فأما الحجة لعاصم فإنه رفعه بالابتداء ولسليمان الخبر.
قوله تعالى: {كالجواب} اتفق القراء على حذف الياء في الوقف إلا ابن كثير فإنه أثبتها على الأصل.
قوله تعالى: {تأكل منسأته} يقرأ بالهمز وتركه فالحجة لمن همز أنه اتى باللفظ على أصل الاشتقاق لأن العصا سميت بذلك لأن الراعي ينسئ بها الإبل عن الحوض أي يؤخرها والحجة لمن ترك الهمز أنه أراد التخفيف.
قوله تعالى: {لقد كان لسبإ في مسكنهم} يقرأ سبأ بالإجراء وتركه وقد ذكرت علله في سورة النمل و{في مساكنهم } يقرأ بالتوحيد والجمع فالحجة لمن وحد أنه اجتزأ بالتوحيد من الجمع والحجة لمن جمع أنه جعل كل موضع منهما مسكنا.
قوله تعالى: {ذواتي أكل خمط} أجمع القراء فيه على التنوين إلا أبا عمرو فإنه أضاف فالحجة لمن نون أنه جعل الخمط والأثل بدلا من الأكل وهو هو في المعنى ولذلك كرهوا إضافته لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه والحجة لأبي عمرو أنه جعل الأكل أشياء كثيرة والخمط جنسا من المأكولات فأضاف كما يضيف الأنواع إلى الأجناس والخمط ثمر الأراك فأما أكل فيقرأ بضم الكاف على الأصل وإسكانها تخفيفا.
قوله تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم} أجمع القراء على ضم الفاء دلالة على بناء ما لم يسم فاعله إلا ابن عامر فإنه فتحها دلالة على بناء الفعل للفاعل وهو الله عز وجل ومعنى ذلك أن الملائكة لما سمعت صليل الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم بعد الفترة التي كانت بينه وبين عيسى عليه السلام فزعت له خوفا من قيام الساعة فقالوا {ماذا قال ربكم} فأجيبوا {قالوا الحق} أي قال ربكم الحق.
قوله تعالى: {وهل نجازي إلا الكفور} يقرأ بالياء وفتح الزاي وبالنون وكسر الزاي فالحجة لمن قرأه بالياء والفتح أنه جعله فعل ما لم يسم فاعله فرفع لذلك الكفور والحجة لمن قرأه بالنون أنه جعل الفعل لله عز وجل وعداه إلى الكفور فنصبه به.
وهل يجيء في الكلام على أربعة أوجه يكون جحدا كقوله: {وهل نجازي إلا الكفور} ودليل ذلك مجيء التحقيق بعدها وتكون استفهاما كقوله: {هل يسمعونكم إذ تدعون} ويكون أمرا كقوله: {فهل أنتم منتهون} ويكون بمعنى قد كقوله تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر}.
قوله تعالى: {ربنا باعد بين أسفارنا} يقرأ بتشديد العين وكسرها من غير ألف وبالتخفيف وإثبات الألف بين الباء والعين فالحجة لمن شدد أنه أراد التكرير يعني بعد بعد وهو ضد القرب والحجة لمن أدخل الألف وخفف أنه استجفى أن يأتي بالعين مشددة فأدخل الألف وخفف كقوله تعالى: {عقدتم} و؟ {عاقدتم}؟ وقد ذكرت علله هناك بأبين من هذا وهما في حال التشديد والتخفيف عند الكوفيين مجزومان بلام مقدرة حذفت مع حرف المضارعة وعند البصريين مبنيا على معنى الطلب بلفظ الأمر على ما وجب للفعل في الأصل.
قوله تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} يقرأ بتشديد الدال وتخفيها ومعناهما قريب وذلك أن إبليس لعنه الله قال: {ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} ظانا لذلك.
لا متيقنا فلما تابعه عليه من سبقت له الشقوة عند الله عز وجل صدق ظنه عليهم.
قوله تعالى: {إلا لمن أذن له} يقرأ بضم الهمزة دلالة على ما لم يسم فاعله ونصبها إخبارا بالفعل عن الله عز وجل.
قوله تعالى: {وهم في الغرفات} يقرأ بالتوحيد والجمع فالحجة لمن وحد أنه أجتزأ بالواحد عن الجمع كقوله تعالى: {والملك على أرجائها} يريد به الملائكة والحجة لمن جمع قوله تعالى: {لهم غرف من فوقها غرف} وكل صواب اللفظ قريب المعنى.
قوله تعالى: {وأنى لهم} يقرأ بالتفخيم على الأصل وبالإمالة لمكان الياء وبين بين تعديلا بين اللغتين.
قوله تعالى: {التناوش} يقرأ بتحقيق الهمز وإبداله فالحجة لمن همز أنه أراد التباعد والحجة لمن ترك الهمز أنه اراد التناول وأنشد لرؤبة في الهمز الذي هو بمعنى البعد.
قوله:
كم ساق من دار امرئ جحيش ** إليك نأش القدر النئوش

وأنشد لغيره في ترك الهمز الذي هو بمعنى التناول.
قوله:
فهي تنوش الحوض نوشا من علا ** نوشا به تقطع أجواز الفلا

. اهـ.

.قال زنجلة:

34- سورة سبأ:
{قل بلى وربي لتأتينكم علم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة} 3 قرأ نافع وابن عامر {عالم الغيب} بالرفع على المدح أي هو عالم فهو خبر ابتداء محذوف ويجوز أن يكون عالم ابتداء وخبره لا يعزب عنه.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {عالم} بالخفض جعلوه صفة لله المعنى الحمد لله عالم الغيب ويجوز أن يكون صفة للرب في قوله قل بلى وربي عالم الغيب أو بدل منه وربي جر بواو القسم.
وقرأ حمزة والكسائي علام الغيب بالخفض واللام قبل الألف وهو أبلغ في المدح من عالم والعرب تقول رجل عالم فإذا زادوا في المدح قالوا عليم فإذا بالغوا قالوا علام وحجتهم قوله {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب} وإنك أنت علام الغيوب وحجة عالم قوله {عالم الغيب والشهادة}.
قرأ الكسائي {لا يعزب} بكسر الزاي وقرأ الباقون بالرفع وهما لغتان تقول عزب يعزب ويعزب مثل عكف يعكف ويعكف.
{والذين سعوا في ءايتنا معجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قرأ ابن كثير وأبو عمرو {والذين سعوا في آياتنا معجزين} بغير ألف أي مثبطين مبطئين أي يثبطون ويبطئون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وقيل معجزين معناه أنهم يعجزون من آمن بها.
وقرأ الباقون {معاجزين} أي معاندين وقال الزجاج معاجزين أي مسابقين.
قرأ ابن كثير وحفص {لهم عذاب من رجز أليم} بالرفع وفي الجاثية مثله جعلاه نعتا للعذاب أي لهم عذاب أليم من رجز.
وقرأ الباقون {من رجز أليم} خفضا جعلاه نعتا للرجز والرجز العذاب بدلالة قوله {لئن كشفت عنا الرجز} وقال فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء فإذا كان الرجز العذاب وصف ب أليم كما أن نفس العذاب قد جاز أن يوصف به في نحو قوله ولهم عذاب أليم ومثل هذا في أن الصفة تجري على المضاف مرة وعلى المضاف إليه أخرى قوله بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ومحفوظ فالجر على حمله على اللوح والرفع على حمله على القرآن وإذا كان القرآن في لوح وكان اللوح محفوظا فالقرآن محفوظ.
{إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} 9 قرأ حمزة والكسائي {إن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط} بالياء إخبارا عن الله أي إن يشأ الله يخسف بهم الأرض وحجتهما في ذلك أن الكلام أتى عقيب الخبر عن الله في قوله أفترى على الله كذبا فكذلك إن يشأ الله إذ كان في سياقه.
وقرأ الباقون {إن نشأ} بالنون الله أخبر عن نفسه أي نحن نخسف وحجتهم في ذلك أن الكلام أتى عقيبه بلفظ الجمع وهو قوله {ولقد آتينا داود منا فضلا} 9 فجعل ما قبله بلفظه إذ كان في سياقه ليأتلف الكلام على نظام واحد ويقوي النون قوله فخسفنا به وبداره الأرض.
{ولسليمان الريح} {يعملون له ما يشاء من محريب وتمثيل وجفان كالجواب وقدور راسيت} 12 و13 قرأ عاصم في رواية أبي بكر {ولسليمان الريح} بالرفع وقرأ الباقون بالنصب على معنى وسخرنا لسليمان الريح ومما يقوي النصب قوله {ولسليمان الريح عاصفة} والرفع على معنى ثبتت له الريح وهو يئول إلى معنى سخرنا الريح كما أنك إذا قلت لله الحمد فتأويله استقر لله الحمد وهو يرجع إلى معنى أحمد الله الحمد.
قرأ ابن كثير {كالجوابي} بالياء في الوصل والوقف على الأصل والجوابي جمع جابية وهي الحوض الكبير قال الأعشى:
كجابية الشيخ العراقي تفهق

قرأ أبو عمرو وورش {كالجوابي} بالياء في الوصل وحذفا في الوقف تبعا الأصل في الدرج وتبعا المصحف في الوقف.
وقرأ الباقون بحذف الياء في الحالين اجتزءوا عن الكسر بالياء.
{ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته} 146 قرأ نافع وأبو عمرو {منساته} بغير همز وقرأ الباقون {منسأته} بهمزة مفتوحة وقرأ ابن عامر بهمزة ساكنة الأصل الهمز وتركه لغة والوجهان مستعملان قال الشاعر في تركه:
إذا دببت على المنساة من كبر ** فقد تباعد عنك اللهو والغزل

وقال في الهمز:
أم أجل حبل لا أبالك صدته ** بمنسأة قد جر حبلك أحبلا

المنسأة مفعلة وهي العصا وإنما سميت منسأة لأنه ينسأ بها ومعنى ينسأبها أي يطرد ويزجر بها تقول نسأت الدابة إذا ضربتها بعصا أو زجرتها.
{لقد كان لسبأ في مسكنهم ءاية} 15 قرأ أبو عمرو والبزي {لسبأ} بالتفح وقرأ الباقون {لسبأ} مجرور.
فمن فتح وترك الصرف فلأنه جعل سبأ اسما للقبيلة ومن صرف وكسر جعل سبأ اسما لرجل أو لحي.
قرأ الكسائي {لسبأ في مسكنهم } بكسر الكاف وقرأ حفص وحمزة {في مسكنهم} بفتح الكاف وقرأ الباقون {مساكنهم} على الجمع.
فمن قرأ {مساكنهم} أتى باللفظ وفقا للمعنى لأن لكل ساكن مسكنا فجمع والمساكن جمع مسكن الذي هو اسم للموضع من سكن يسكن وحجتهم أنها مضافة إلى جماعة فمساكنهم بعددهم ويقوي الجمع إجماع الجميع على قوله فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم ومن قرأ {مسكنهم} بالفتح يشبه أن يكون جعل المسكن مصدرا وحذف المضاف والتقدير في مواضع سكناهم فلما جعل المسكن كالسكن أفرد كما تفرد المصادر وعلى هذا قوله {في مقعد صدق} أي في موضع قعود ألا ترى أن لكل واحد من المتقين موضع قعود ومن قرأ {مسكنهم} جعله اسم الموضع الذي يسكنون فيه وإنما وحد لأنه أراد بلدهم وقد يجوز أن يراد بذلك جمع المساكن ثم يؤدي الواحد عن الجمع.
قال الكسائي مسكن ومسكن لغتان قال نحويو البصرة والأشبه فيه الفتح لأن اسم المكان من فعل يفعل على المفعل بالفتح وإن لم يرد المكان ولكن أراد المصدر فالمصدر أيضا في هذا النحو يجيء على المفعل مثل المحشر وقد يشذ عن القياس نحو المسكن والمسجد وذهب سيبويه على أنه اسم البيت وليس المكان من فعل يفعل فعلى هذا لم يشذ عن الباب.
{جنتين ذواتي أكل خمط ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجزي إلا الكفور} 16 و17 قرأ أبو عمرو {أكل خمط } مضافا أجراه مجرى قول القائل تمر دقل فأضاف الاسم إلى جنسه لاختلاف اللفظين.
وقرأ الباقون {أكل} منونا وحجتهم أن الأكل هو الخمط فالتنوين فيه علىأنه بدل من الأكل وقد جاء في التفسير أن الخمط الأراك وأكله ثمره.
قال المبرد التنوين في أكل أحسن من الإضافة على البدل ويجوز أن يكون على النعت لأنه وإن كان فكأنه شيء مكروه الطعم فجرى مجرى النعت لأن بعض العرب يسمي ما كان مكروه الطعم من حموضة أو مرارة خمطا قال وأحسب أبا عمرو ذهب في الإضافة إلى هذا كأنه أراد أكل حموضة أو مرارة وما أشبه ذلك.